في مدينة العلمين أواخر شهر يوليو عام 2023، كان الكاتب متهيئًا لتغطية اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بدعوة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على خلفية عدوان إسرائيلي على مدينة جنين ومخيمها. قبل انتصاف نهار الثلاثين من يوليو، وصلت الحافلة التي تقل الأمناء العامين إلى الفندق المضيف للاجتماعات. حضر جميعهم باستثناء قيادات حركات الجهاد الإسلامي وطلائع حرب التحرير الشعبية “الصاعقة” والجبهة الشعبية – القيادة العامة.
بينما دارت النقاشات داخل غرفة الاجتماعات الكبرى، كانت الأحداث تزداد اشتعالًا داخل مخيم “عين الحلوة” في لبنان على خلفية اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني القيادي في حركة فتح أبو أشرف العرموشي. كان من الطبيعي أن تلقي أحداث المخيم بظلالها الكئيبة على أجواء الاجتماع، الذي توقع كثيرون أنه لن يأتي بجديد بسبب عمق الخلافات بين الفصائل الفلسطينية.
مخيم عين الحلوة، المعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني، كان مسرحًا لكل التناقضات الفلسطينية وساحة مفتوحة لجولات صراع متتالية. ومع ذلك، فقد كان أرضًا خصبة لظهور مواهب فلسطينية، كالفنان الكاريكاتيري الأشهر ناجي العلي والأديب والثائر غسان كنفاني.
ناجي العلي وغسان كنفاني كانا نموذجين للإبداع المقاوم الذي لا يلين. فقد جسدت قصة حياتهما وأعمالهما محطات النضال الوطني الفلسطيني، من خلال رسومات العلي الثورية ورواياتِ كنفاني التي سجلت وقائع سفر الضياع الفلسطيني في الشتات.
لا يزال أمثال ناجي العلي وغسان كنفاني حاضرين في الذاكرة الفلسطينية، فكل مرة يصحو العالم على عدوان إسرائيلي جديد، يتذكر الجميع ما قدمه هؤلاء الرجال من قوة فلسطين الضاربة بالكلمة والفكر. فهم أدركوا أن إسرائيل عدو لا بد من مواجهته، وأن الخلافات الفلسطينية الفلسطينية خطيئة لا بد من التطهر منها.
ولكن، حتى اليوم، ما زال العدوان الإسرائيلي مستمرًا ويزداد إجرامًا ووحشية، والخلافات الفلسطينية الفلسطينية تتجدد حتى في خضم المواجهات. وهذا ما يدفع الفلسطينيون الحالمون بحقهم المشروع في العودة وفي دولتهم المستقلة الثمن الأكبر.
هل سينجح الفلسطينيون في تجاوز خلافاتهم والوقوف بوحدة صفوفهم في مواجهة العدوان الإسرائيلي؟